تعد مجموعة وثائق التنظيم الإداري للعتبة الرضوية المقدسة من أقدم الوثائق الموجودة في العصر الصفوي. وتحتوي هذه الوثائق على معلومات ملفتة في المجالات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والزراعة والأوقاف وغيرها من القضايا الدينية في المنطقة الجغرافية لإيران وافغانستان وخاصة محافظة خراسان شمالي غربي إيران.
وأجرى الباحث في قسم الثقافة والسيرة الرضوية في مركز البحوث التابع للعتبة الرضوية المقدسة، رضا نقدي، أجرى دراسة بعنوان "التاريخ وتنظيم العتبة الرضوية المقدسة في العصر القاجاري" حيث خلصها في نقاط شيقة وجميلة.
دور سادات الطوس في إدارة الحرم الرضوي المطهر
وحول تاريخ وتنظيم العتبة الرضوية المقدسة الذي بدأ بعد استشهاد الإمام الرضا (ع)، والمعترف به منذ عهد الشاه طهماسب الصفوي، قال رضا نقدي إن منذ البداية تم توظيف خدام للاهتمام ورعاية الحرم، وكان أول خادم للحرم أحد أقارب والدة الإمام الرضا (ع) حسين بن علي بن سعيد بربري.
وصرح الباحث أن قبر هارون الرشيد أحد أعظم الخلفاء العباسيين كان جنب مرقد الإمام الرضا (ع). ولذلك كان هناك دائما تنافس بين الشيعة وأتباع هارون الرشيد، ولكن تدريجيا أخذ العديد من الشيعة محيط قبر الإمام (ع) مكانا يسكنون فيه.
وأضاف أن في القرن الرابع الهجري وفي العهد الساماني توسع الحرم، وتولى السادات الموسويين من نسل حمزة بن موسى الكاظم (ع) وأيضا سادات منطقة الطوس، مسؤولية الحرم الرضوي، حيث استمروا بذلك حتى نهاية العصر التيموري، وكان لهم دورا مهما في إدارة وصيانة الضريح الرضوي.
وأولوا اهتماما خاصا بالحرم الرضوي الطاهر خلال عهد السلاجقة وبعدها الخوارزمشاهي، حيث يعد بلاط السنجري أهم دليل على ذلك، ولكن مع الأسف، لا توجد وثائق حول تنظيم الضريح آنذاك إلا القليل.
توسيع هيكلة الضريح في العهد التيموري
وقال نقدي إن بعد سقوط الحكم العباسي، لم يكن اهتماما ملفتا للحرم الرضوي المقدس، لكن في العهد التيموري توسعت هيكليته أكثر، فيما كانت مدينة مشهد ثالث أكبر مدينة في خراسان بعد سمرقند وهرات. ومنذ ذلك الوقت، ازدادت التنظيمات وأعمال البناء بسبب ارتفاع عدد الزوار، وكان لوزير ونائب سلطان حسين بايقرا أمير علي شير نوايي دورا مهما في ذلك.
وأوضح نقدي أن بعد ما ثبت الشاه إسماعيل الصفوي التشيع مذهبا رسميا في إيران، أصبح الحرم الرضوي المقدس مركزا للشيعة، ويعود تاريخ العديد من المنظمات في الحرم إلى هذا العصر، حيث صار الحرم الرضوي المقدس من أهم الأماكن الإسلامية في العالم الذي يتملك كثيرا من الموقوفات، وتم بناء مدارس ومساجد ومراكز رعاية اجتماعية حول الحرم.
وتابع هذا الباحث أن بأمر من شاه طهماسب الأول الصفوي، تم إنشاء تنظيم إداري ومالي واسع للحرم المقدس، وبعد الشاه كان المتولي يشرف على الأمور المالية والأوقاف. وبعد ذلك، كان هناك مسؤولين ماليين يتولون الأمور بصفة المستوفي والناظر. كما كانت هناك مرافق خدماتية بما فيها دار الشفاء وبيت الضيافة والسقاخانة وإدارة خدام الحرم.