مقالة للدکتور محمود واعظی عضو الهیئة العلمیة فی جامعة طهران، وعضو اللجنة العلمیة لمؤتمر «الإمام الرضا (ع) رمز وحدة الأمة الإسلامیة وائتلافها»
أنموذج عالمی للتقارب
فی عام 2004 کتبت جریدة الوطن القطریة واسعة الانتشار بالتزامن مع افتتاح مکتب للعلاقات الإقتصادیة لإسرائیل مع دول الخلیج الفارسی فی الدوحة مقالاً بعنوان «تدمیر الإسلام بالإسلام» وکان یبدو بالنسبة لأصحاب الثقافة والعلم فی ذلک الوقت أنّ موضوع المقالة مستبعد ومبالغ فیه، ولم یمض وقت طویل حتى بدأت مؤسسات؛ مثل مؤسسة RAND الإستراتیجیة بدراسة تفعیل وتطبیق الخطة العملیة للخطط الکبرى من أجل مصالح أمریکا وإسرائیل بشکل میدانی و منفرد فی الشرق الأوسط، فطبّقت هذا العنوان بشکل عملی لفت إلیه أنظار العالم وأدهش المجتمعات التی تستضیفه.
ففی المجتمع الذی کان یتغنّى لسنوات بآیات الأخوّة و التآلف والتعاطف بین الفرق والمذاهب الدینیة المختلفة، وکان عرض وکرامة ومال ودم أفراده یعتبر واحداً لدى جمیع أفراد المجتمع، تدهور الوضع لدرجة أنه وباستغلال الجهل و التعصب والتلفیق انبثقت من قلب المجتمع الإسلامی وبأموال وبیت مال المسلمین مؤسسات و مجموعات لیس لدیها شعار یستند إلى القرآن وسنة النبی الأکرم سوى شعار العنف والقتل والتهدید والترهیب وقد أوصلوا الأمور فی الدول الإسلامیة إلى نقطة یتردد فیها شعار "الله أکبر" على لسان القاتل وعلى حنجرة المقتول، وهذا الأمر لیس من قبیل المصادفة بل من خلال نهج جدید یجری قتل المسلمین على ید المسلمین و یتحقق شعار "تدمیر الإسلام بالإسلام" أمام أعین الصهاینة وجبهة الإستکبار.
وکأنّ الرحمانیة[1] و الرحیمیة[2]، والعطف والسلام والأخوّة [3]، والمحبة والعاطفة، العطاء والإیثار[4]، والخلق الحسن[5] و حرمة العرض والروح وکرامة أفراد المجتمع الإسلامی [6] التی تعتبر أهم مکتسبات القرآن الکریم والسنّة النبویة وأهل البیت علیهم السلام، وقد کانت لقرون طویلة أسوة لا مثیل لها فی المصادر والمراجع الإسلامیة وغیر الإسلامیة یتم تجاهلها الآن لصالح المجتمع الصهیونی والإستکبار العالمی کما نُسیت آلاف الآیات والأحادیث قطعیة الثبوت والدلالة.
فی مثل هکذا ظروف فإن الشخصیة القدوة للإمام علی بن موسى الرضا علیه السلام التی تعتبر کنزاً للمعارف النبویة وأسوةً للتعاطف والوحدة والتقارب الإسلامی جدیرة أکثر من أی وقت مضى بإعادة النظر والإمعان فیها. إن مؤتمر الإمام الرضا(ع) رمز لوحدة و تحالف الأمة الإسلامیة هو فرصة لنقوم فی ظل إعادة قراءة سیرته التی تحکی نهج التواضع[7]، والعطف والرأفة [8]و المحبة[9] مصحوبة بالاهتمام أکثر وأکثر بتعالیمه ومعارفه النورانیة المفیدة بوضع مشاریع جدیدة و واعدة للمجتمعات الإسلامیة والبشریة.
فالیوم وأکثر من أی وقت مضى نرى قلوب أحرار العالم المتفائلة بالسلام والمحبة وأنظار أقطاب الفرق الإسلامیة جمیعها متعلقة بالحرم الملکوتی والمنوّر للإمام الذی قضى جلّ عمره المبارک فی نشر القیم والکرامة الإنسانیة والوصول إلى تضامن و تقارب الفرق المختلفة [10] و یرون أن مستقبل العالم المشرق یتحقق فی ظل تحقیق أفکاره النورانیة و الإنسانیة.
من المناسب أن نقوم بتعبئة القدرات والطاقات وبالإعتماد على الروحانیة والعقلانیة الموجودة فی سیرته لنفتح الطریق من أجل التواصل العلمی المفید مع علماء و نخب العالم لننفض الغبار عن جبین زائریه على المستوى الدولی، وبالإقامة المستمرة لمثل هذه المؤتمرات على مستوى العالم الإسلامی فإننا نعزز فرصة ترویج وتعریف المحبّین بساحته المبارکة لیس عن طریق الشعارات بل بالمعرفة والتآزر العلمی وتعمیق المعتقدات.
المصادر:
[1] - ...رحماء بینهم . سوره محمد الآیه 69
[2] - الأنعام/157
[3] - الحجرات /10
[4] آل عمران/92
[5] - القلم/4
[6] قال الصادق(ع): "المؤمن أعظم حرمة من الکعبة" (الطبرسی، مشکاة الأنوار فی غرر الأخبار، 83
[7] - راجع: بحار الانوار للمرحوم المجلسی، ج49، ص99، الحدیث16 و عیون اخبار الرضا ع الشیخ الصدوق، ج2، ص184، الحدیث7.
[8] راجع: نفس المصدر ج1، ص13.
[9] - تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبه الحرانی، 443.
[10] راجع: لمحة عن مناظرات الإمام الرضا بجهود الأمانة العامة الدائمة لمهرجان الإمام الرضا(ع).
http://globe.aqr.ir/portal/Home/ShowPage.aspx?Object=NEWS&ID=f1922be8-dc5b-43b2-ae5d-95bb6516c3d2&WebPartID=e5e2367e-a40f-4f50-9a02-a9f7f08a463b&CategoryID=c36c552d-95c4-4e9a-bad4-bc7c274d8099