شعریّة الأداء الأدبی فی التراث النقدی العربی "دراسة وصفیة تحلیلیّة لصحیفة بشر بن المعتمر" /إعداد: صفیّة احمد مکناسی / عمان: دار غیداء / 2015 م / 256 ص.
ش 742 م 709 / 892
مثّلت صحیفة بشر بن المعتمر بوابة للشعریة العربیة، حیث تضمنت الأساس الذی انبنت علیه قوانین الأداء بلاغیا و نقدیا، و تکاد لا تخلو الکتب النّقدیة و البلاغیة من الارتکاز و الإشارة إلیها، و ذلک باعتبارها الأساس الأول فی محاولة التأصیل للشعریة العربیة؛ ألا أنّ ما حفّزنا علی البحث فی هذا المجال و اعتماد الصحیفة أرضیة لدراستنا هو تغییبها عن أُطر التحلیل و الدراسة، حیث لم تفرد بعمل خاص یأخذ علی عاتقه الوصف و الاستقراء قصد استخلاص مکامنها؛ ففی حدود اطلاعنا لم تناقش هذه الصحیفة و لم تحض بعمل خاص، بل جاءت مبثوثة فی کتب النّقد و البلاغة علی سبیل الاستشهاد لقضایا نقدیة و أخری بلاغیة کما ورد عند الجاحظ فی "البیان و التبیین" و أبی هلال العسکری فی "الصناعتین" و غیرهما.
و إذا کانت هذه نزعة ذاتیة، فإنّ الدافع الموضوعی لم یقل أهمیة عنها، و ذلک باعتبار الصحیفة اشتملت علی النظرة العامة فی استقصاء بواعث الشّعریّة، و لم تغیب طرفا من أطراف التواصل الأدبی، تلک النظرة التی تشرئب لها أعناق النقاد الیوم لتفادی السقاطات التی حدثت إثر الاهتمام بطرف و تغیب الآخر؛ و من هنا تسعی هذه الدّراسة لتتبع قضایا الإبداع مرتبطة بالمبدع و النص و المتلقّی علی حد السواء، هذا الاهتمام الشامل الذی من شأنه، - و بتضافر العناصر مجتمعة – إحداث أثر فنّی متکامل.
إنّ الاهتمام بأطراف التواصل الإبداعی أصبح مرمی النقّاد الیوم بعد کلّ السقاطات و الهنّات التی حدثت علی إثر الاهتمام بطرف و تغییب الآخر، فأصبح من المسلّم به فی وقتنا المعاصر ضرورة الاهتمام بالأقطاب الثلاثة مجتمعة، فراحت عیون النقاد الیوم تتطلع إلی إیجاد نظرة شاملة تجمع مزایا المناهج و تتجاوز مآخذها؛ هذه النظرة التی کان للفکر العربی قصب سبق فی تحقیقها، نظرة شاملة و عامة تطلب التواصل و تراهن علیه.
فی خضمّ هذا التوافق و التقاطع بین الطّرحین النقدیین العربی القدیم و الغربی المعاصر إلی أی مدی یُحقّق الإبداع أداءً نوعیّاً بعد الوظیفة النفعیة التی هی أساس العملیة التّواصلیّة فی ظل وجود أقطاب الإبداع مجتمعة؟ و بتعبیر آخر کیف یرتقی التّواصل اللغوی من الذرائعیة إلی الجمالیة و من النّفعیة إلی الشّعریّة؟ هو ما ستحاول صفحات هذا البحث الإجابة علیه.
و یتشکل هذا الکتاب علی مدخل و ثلاثة فصول و خاتمة؛
مدخل: اللغة بین البلاغیة و الإبلاغیة فی الفکر الإعتزالی
الفصل الأول: شرائط المبدع و تداعیات الإبداع
الفصل الثانی: إستراتیجیات بناء الخطاب الفنّی و مساءلة الشّعریة
الفصل الثالث: دور المتلقّی فی صیاغة العمل الأدبی
صفیة مکناسی