أهمیّة هذه الدراسة فی طرح مفهوم مختلف للسرد تقرأ بمقتضاه الفکر القدیم، بتجلیاته الفلسفیة و النقدیة و الصوفیة، فی علاقته بالقصّ، و تصل من خلاله بین نص قدیم، مثل نص (حیّ بن یقظان)...
المرایا المتقابلة: قراءة فی أوراق السرد/ سمیر مندی/ بیروت: المؤسسة العربیة للدراسات و النشر/ ۲۰۱۴م/ ۲۶۳ ص. (دراسات - أدب)
م 785 م 609 73/ 892
تصل هذه الدراسة أوراق السرد بأوراق الفکر سواء أکان هذا الفکر نقداً أم فلسفة أم سؤالاً طرحته ذاکرة السرد الخیالیة فی محاولة للإجابة علی سؤال الوجود. و قد یکون درس کهذا مربکاً للقراءة التی تتشبث بحدود صارمة بین القول الأدبی و القول الفلسفی بکافة تجلیاته، لا سیما و أن العقل النظری لا یستسیغ انفراط مثل هذه الحدود أو تداخلها.
ألیس هذا العقل هو الذی صاغ معضلة الصورة الفنیة فی تراثنا النقدی القدیم؟ ألم یکن التعقّل المفرط وراء غیاب درس الرؤیة الصوفیة للخیال قدیماً و حدیثاً علی السواء؟
من هنا تأتی أهمیّة هذه الدراسة فی طرح مفهوم مختلف للسرد تقرأ بمقتضاه الفکر القدیم، بتجلیاته الفلسفیة و النقدیة و الصوفیة، فی علاقته بالقصّ، و تصل من خلاله بین نص قدیم، مثل نص (حیّ بن یقظان)، و نصوص کاتب مثل نجیب محفوظ؛ و بین هذا و ذلک تُطرح أسئلة و تثور قضایا لاتزال توجه اللاوعی النقدی الحدیث و تمارس دوراً لایستهان به فی تحدید خیاراته النقدیة، سواء أکنّا نعنی مسألة العقل و الخیال أو سبل البحث عن الحقیقة، أو المعنی عموماً.
خلال هذا کلّه یفعل السرد، بوساطة، فعل المرایا المتقابلة التی تعکس، فی فعل عکسها لموضوعها، موضوع المرایا المقابلة لها. و ذلگ دون أن ینفی هذا الإنعکاس المتبادل خصوصیة کل مرآة و استقلالها بموضوعها، فیجیب علی أسئلة الفکر مثلما یجیب علی أسئلة الأدب.